التفت والدها وحدق في وجهها. أمسك كتفيها بحزم بيديه المتحللتين وكان على وجهه تعابير قاسية.
"هذا المكان ليس آمن لكِ," قال محذراً. "ليس آمناً!" صرخ, وهو يغرس يداه في كتفيها بقسوة, مما جعلها تصرخ.
استيقظت جوين و هي تصرخ. جلست على السرير, تنظر في كل مكان من غرفتها, متوقعة قدوم القاتل.
كانت تتعرق وتتنفس بصعوبة, قفزت من السرير, وارتدت ثوب الدانتيل الليلي, وعبرت غرفتها. سارعت نحو حوض ماء حجري, ورشت الماء على وجهها, مراراً وتكراراً. اتكأت على الجدار, وشعرت بالبرد في قدميها العارتين في هذا الصباح الصيفي الحار, كانت تحاول أن تتمالك نفسها.
لقد شعرت بأن الحلم حقيقي للغاية. وأحست بأنه تحذير حقيقي من والدها, كان رسالة. وسيطرت عليها حاجة ملحةٌ في ترك بلاط الملك, حالاً, وبدون عودة.
كانت تعرف أن ليس هناك ما تفعله. كان عليها أن تتمالك نفسها, لتكسب معركتها. لكن في كل مرة كانت ترمش بها, كانت تشاهد وجه والدها, يحذرها. كان عليها أن تفعل شيئاً لإبعاد هذا الحلم.
نظرت جوين إلى الخارج ورأت بداية ارتفاع الشمس الأولى, وفكرت في المكان الوحيد الذي سيساعدها على استعادة رباطة جأشها, نهر الملك. نعم, كان عليها أن تذهب إلى هناك.
*
غمرت جويندولين نفسها في ينابيع الملك الباردة المتجمدة مراراً وتكراراً, كانت تحبس نفسها وتنزل رأسها تحت الماء. كانت جالسة في بركة سباحةٍ طبيعيةٍ صغيرةٍ, منحوتة من الصخر, كانت مخبأة في الينابيع العليا, كانت قد وجدتها منذ كانت طفلة واعتادت التردد عليها. أبقت رأسها تحت الماء, وهي تشعر بالتيارات الباردة عبر شعرها, على فروة رأسها, لقد أحست بأنها تغسل جسدها العاري وتطهره.
لقد وجدت هذا المكان المنعزل في أحد الأيام, مخبئاً وسط مجموعة من الأشجار, في أعلى الجبل, هضبة صغيرة حيث تباطأت سرعة النهر وخلقت بركة عميقة. كان النهر يتدفق فوقها وتحتها, كان يستمر في الجريان حتى هذا المكان, على هذه الهضبة, كانت المياه تجري بتيارات خفيفة جداً. كانت البركة عميقة, والصخور ملساء, لقد كان مكاناً مخفيّاً تماماً, حيث بإمكانها الاستحمام عارية. كانت تأتي إلى هذا المكان كل صباح في الصيف تقريباً, بينما ترتفع الشمس, لتصفي ذهنها. خصوصا في أيام مثل هذا اليوم, حين تطاردها الأحلام, كما تفعل في معظم الأوقات, كان هذا مكانها الوحيد التي تستطيع اللجوء إليه.
كان من الصعب جداً على جوين أن تعرف إذا كان مجرد حلم, أو أنه شيءٌ أكثر من ذلك. كيف كان عليها أن تعرف متى يكون الحلم رسالة, أو نذير؟ كيف تعرف ما إذا كان عقلها يتحايل عليها أم أنها أُعطيت فرصة للتصرف؟
نهضت جويندولين لاستنشاق الهواء, كانت تتنفس في هذا الصباح الصيفي الدافئ, وهي تستمتع إلى زقزقة العصافير حولها. استلقت مرةً أخرى على الصخور, وجسدها مغمور حتى رقبتها, كانت جالسة على حافة حجرية داخل المياه, تفكر. رشت وجهها بقطرات من المياه, ثم مررت يديها على طول شعرها الطويل الأحمر, نظرت إلى الأسفل نحو سطح المياه الكريستالي, وقد انعكست عليه صورة السماء, والشمس الثانية, التي كانت قد بدأت بالارتفاع, والأشجار التي كانت مائلةً على المياه, ووجهها. عيونها الزرقاء المتوهجة, التي تنظر إلى انعكاس وجهها المتموج. كانت ترى في وجهها شيئاً من والدها. التفت بعيداً, وفكرت مرة أخرى بالحلم الذي راودها.
كانت تعلم أنّ بقاءها في بلاط الملك أصبح خطِراً عليها بعد اغتيال والدها, بوجود كل الجواسيس, كل المؤامرات, و خاصة بعد تولي غاريث الحكم. لم يكن هناك أحد يمكنه التنبؤ بتصرفات غاريث. مع كل الحقد الذي يحمله. و جنون العظمة, وغيرته الشديدة. لقد كان يرى أنّ الجميع يشكل تهديداً له, خاصةً هي. يمكن لأي شيءٍ أن يحدث. كانت تعرف أنها ليست