"لكن أبي.."
"اصمت" صرخ بشدة. "هذا يكفي, ها قد جاؤوا. ابتعد عن الطريق, و الأفضل لك أن تلتزم أدبك وهم هنا."
اقترب والده ودفع تور إلى الجانب, كما لو كان شيئاً من الأفضل أن لا يُرى. اكتوى صدر تور بكفّ أبيه الضخم.
ظهر دويّ كبير, اندفع سكان المدينة خارج منازلهم, يملئون الشوارع. سحابةٌ من الغبار المتزايد تبشّر بقدوم القافلة. بعد لحظات وصلوا, اثنا عشر عربةً تجرها الخيول مع ضوضاء مثل الرعد العظيم.
جاؤوا إلى المدينة كجيش مفاجئ, توقفوا أمام منزل تور. قفزت أحصنتهم في المكان وهي تصهل. أخذت سحابة الغبار وقتا طويلاً حتى تلاشت. تور حاول بشغف سرقة نظرةٍ خاطفةٍ على دروعهم و أسلحتهم. لم يقترب من فرقة الفضة هكذا من قبل, كان قلبه يخفق بسرعة.
ترجل الجندي من على الحصان الرمادي. إنه هنا, عضو حقيقي من فرقة الفضة, مغطىً بدرع دائري لامع, ويحمل سيفاً طويلاً على حزامه. مظهره يوحي بأنه في الثلاثين من عمره, رجل حقيقي بلحيةٍ على وجهه, وندوب على خده, وأنف أعوج من المعارك.
كان هذا الرجل الأكثر أهمية الذي قد رآه تور طوال حياته, عريض المنكبين كالآخرين, مع طلعة تقول أنه في مهمةٍ ما.
قفز الجندي إلى آخر الطريق الترابي, خيله يجلجل وهو يقترب من صف الفتيان.
توقف الفتيان من أعلى وأسفل القرية بانتباه, على أمل. الانضمام إلى فرقة الفضة كان يعني حياة الشرف و المعركة و الشهرة, تعني المجد مع الأرض, و اللقب و الثروات. ذلك يعني أفضل عروس و أرضاً مختارة وحياة مجد. ذلك يعني تكريماً لعائلتك, دخول الفيلق كان الخطوة الأولى.
تمعن تور بالعربات الذهبية الكبيرة, وعرف أنها يمكن أن تحمل الكثير من المجندين. كانت مملكة كبيرة, وكان لديهم العديد من المدن لزيارتها. شعر بنفسه قد اختفى, عندما أدرك أنها فرصةٌ بعيدةٌ أكثر مما كان يتوقع. يجب أن يتغلب على هؤلاء الفتيان الذين كان كثير منهم مقاتلون كبيرون بجانب إخوته الثلاثة, كان يشعر أنه يغرق.
كان تور بالكاد يستطيع التنفس والجندي يسير بخطى في صمت, يدرس صفوف الطامحين. بدأ من الجانب البعيد من الشارع, ثمّ استدار ببطء. تور عرف كل الفتيان الآخرين. و بطبيعة الحال كان يعرف أن بعضاً منهم لا يريدون أن يتم اختيارهم, على الرغم من أسرهم تريد إرسالهم. كانوا خائفين جداً, لو حصل ذلك من الممكن يكونوا جنوداً رديئين.
كان قلب تور من الإهانة, لقد شعر أنه يستحق أن يُختار بقدر كل منهم. فقط لأن إخوته كانوا أكبر وأقوى منه لا يعني أنه لا يملك الحق في الترشح وأن يتمّ اختياره. كان يحترق من الكراهية لوالده, كان سينفجر خارج جسده كلما اقترب الجندي.
توقف الجندي أمام إخوته, لأول مرة. كان ينظر إليهم من الأعلى إلى الأسفل, وبدا معجباً. وصل إليهم أمسك واحداً من أغمادهم وانتزعه وكأنه يختبر مدى رسوخه.
كسر صمته بابتسامة.
"لم تستخدم سيفك في معركة من قبل, هل فعلت؟" سأل الفارس ديريك.
رأى تور أخوه ديريك متوتراً لأول مرة في حياته.
"لا يا سيدي. ولكنن استخدمته مرات عديدة في التدريب, وآمل أن.."
"في التدريب!"
زمجر الجندي مع الضحك, واتجه إلى الجنود الآخرين, الذين انضموا, ضاحكاً في وجه ديريك.
تحول وجه ديريك إلى الأحمر الفاقع. لم يرى تور أخوى ديريك محرجاً من قبل, بالعادة ديريك هو من يحرج الآخرين.
"حسناً يجب أن أخبر الأعداء بالخوف منك بالتأكيد, أنت الذي يحمل سيفه في التدريب!"
ضحك حشد الجنود مرة أخرى.
ثم التفت الجندي إلى إخوة تور الآخرين.
"ثلاثة فتيان من نفس العائلة" قال الجندي, وهو يفرك لحيته. "هذا يمكن أن يكون مفيداً. أنتم كلكم بحجم جيد و لكن من غير خبرة, ومع ذلك سوف تحتاجون المزيد من التدريب إذا كنتم ستنضمون إلى لائحتنا."
توقف الجندي.
"أعتقد